مكالمات عديدة يتلقاها معظمنا من مندوبى شركات التسويق العقارى لعرض شراء وحدات سكنية بالعاصمة الإدارية الجديدة والتجمع أو وحدات مصيفية بالساحل الشمالى أو العلمين الجديدة وسيدى عبدالرحمن.
ويحاول المندوبون إقناع المُتصل به بأن ما يعرضه فرصه كبيرة لن تعوض سواء للسكن أو للإستثمار دون أن يدري أو يعلم الوضع الإقتصادى للعميل والذي غالبا ما يصاب بالصدمة من عرض المسوق العقارى الذى لا يقل بأي حال من الأحوال عن ثلاثة أو أربعة ملايين جنيه للوحدة صغيرة الحجم والتى تقل عن المائة متر.
وبحسبة بسيطة يجد العميل نفسه مطالباً بدفع ما لا يقل عن ٦٠ ألف جنية شهرياً لمدة لا تقل عن ٦ سنوات، وبعد صدمة مبلغ العرض و أقساط سداده، تجد الغالبية العظمى يتبادر إلى أذهانهم من هؤلاء العملاء المستهدفين من شراء تلك الوحدات؟ وما هى مصادر ثرواتهم؟ وما هو مصدر دخولهم وحجم دخولهم الشهرية؟ التي تجعلهم قادرين على سداد قسط شهري لا يقل عن ٦٠ ألف جنيه فى وحدة صغيرة فما بالنا بأسعار بالفيلات و«التاون هاوس»؟.
ومؤخرا أعلنت إحدى شركات العقارات أنها حققت مبيعات ب ٦٠ مليار جنيه خلال ١٢ ساعة من بدء طرح مشروعها والذي يبلغ سعر الوحدة ٧٠ متر فيها ١٣ مليون جنيه، فى الوقت الذي يصارع فيه غالبية هذا الشعب لتلبية أساسيات حياته اليومية من أكل وشرب ومواصلات وعلاج وتعليم الأبناء، وفى الوقت الذي يعاني فيه ملايين الخريجين من مشكلة البطالة ومن يجد عملاً فى القطاع الخاص تجد مرتبه يتراوح بين ثلاثة آلاف إلى ١٠ ألاف جنيه على الأكثر.
هذا التباين الكبير بين فئة لا تتجاوز الـ ٥٪ من المجتمع تستطيع شراء كل شىء وأى شىء وفى أى مكان ويخرج علينا أبناؤهم فى وسائل التواصل الإجتماعي فى فيديوهات مستفزة بأن المصروف اليومي لهم يتراوح ما بين خمسة آلاف و عشرة ألاف جنيه يومياً خلال شهور الصيف، و بين ٩٥٪ من المجتمع بهم ٢٠٪ يعيشون مستورين ولكنهم غير قارين على شراء تلك الوحدات إلا من رحم ربي، و ٧٥٪ أصبحوا فى صراع يومى مع الحياة والمعيشه ويتندرون ويطلقون النكات لتفريغ شحنة الأسى من اوضاعهم وأحولهم مقارنين بين واقعهم البائس وما يُعرض عليهم من عروض مستحيلة التنفيذ.
هذا التباين الطبقى وفى ظل حالة التضخم الكبيرة التى قضت على الطبقة المتوسطة «رمانة ميزان المجتمع» ومصدر تفريخ كل العباقرة والمتميزين والذين أثروا المجتمع وكانوا مصدر تقدمه وتفرده، أحدث خللاً مجتمعياً وفقداناً للريادة والتميز و عدم وجود أجيال جديدة قادرة على الأخذ بيد المجتمع نحو التقدم والعودة بالبلاد كوجهة يشار لها بالبنان فى جميع المجالات مثلما كانت في عقود ماضيه.
وفى حال بقاء الوضع على ما هو عليه، سيظل غالبية الشعب الذى يصارع الحياة من أجل لقمة العيش وتوفير إحتياجاتة الأساسية يسأل سؤالاً مشروعاً خالياً من الحقد الطبقى أو «النفسنة» عمن يشترون ويدفعون كل هذه المبالغ والأقساط الشهرية الضخمة: إنتوا مين ؟!؟!